بقلم : حسن عصفور
في غياب الأفق السياسي، على المسار الفلسطيني ــ الإسرائيلي، تتجه الأنظار إلى ما هو غير ذلك، بحثاً عن تحقيق ما يمكن تحقيقه، والأسبوع الماضي، شهدنا واحدة من تلك المباريات الدائرة بين الأطراف الثلاثة، الطرف الأميركي، الفلسطيني والإسرائيلي، على ملعب وثيقة \”اختبار النوايا\” أو \”العلامات المحددة للحركة\”.
ووثيقة \”اختبار النوايا\” تجسد صورة الوضع الإنساني المأساوي للوضع الراهن، فالاهتمام المركزي، الذي تتناوله الوثيقة، محاولة قد لا تكتمل، لإعادة الأمور في بعض مناحي الحياة، إلى ما قبل سبتمبر لعام 2000، إذ ترتكز على إزالة حواجز، وحرية الحركة داخل الضفة الغربية، والمرور بين الضفة وقطاع غزة، ونقل المنتجات الاقتصادية بين جناحي الوطن، وأوضاع معبر رفح الحدودي (معبر العودة)، وكذلك المعبر \”الاقتصادي\” المنطار أو كما في لغة إسرائيل وتجار غزة (كارني).
هذه القضايا التي يعمل الجانب الفلسطيني جاهداً، أن يقوم لتحسين ما نصت عليه الوثيقة الأميركية، مقابل هجوم إسرائيلي مضاد…
ولأن الحياة السياسية سريعة إلى درجة يمكن لنا أن نرى حكومة ومجتمعاً داخل إسرائيل، تعيش أسوأ ظروفها السياسية، تجدنا نحن نبحث عن قضايا تبتعد عن الشأن السياسي، رغم أهميتها…
فمعركة الطرف الفلسطيني هذه الأيام، تتركز على كيف لنا، أن نضمن ألا تكون إزالة الحواجز قضية شكلية، وأن لا تقوم إسرائيل بتكرار، خديعتها، كما سبق أن حدث بعد أحد لقاءات الرئيس محمود عباس وايهود اولمرت، الذي وعد بإزالة حواجز عدة، وإذ به يزيل سواتر ترابية، وضعها الجيش والمستوطنون، قبل اللقاء بأيام قليلة.. الطرف الفلسطيني في مناقشة وثيقة \”نوايا النوايا\” يؤكد على أهمية إزالة الحواجز الرئيسية، التي انتشرت منذ سبتمبر عام 2000، وقسمت الضفة الغربية إلى كانتونات متعددة، وحاصرت القدس، من مختلف الاتجاهات، والتنقل داخل الضفة وبين مدنها، أصبح يحتاج إلى تصريح خاص، حسب \”الأهواء الإسرائيلية\”، ويعمل الطرف الفلسطيني جاهداً ليتمكن من إمكانية تسيير (7) حافلات أسبوعية بين قطاع غزة والضفة كمرور آمن، أي بمعدل حافلة يومياً… إلى جانب \”النضال\” من أجل إعادة فتح \”معبر رفح\” والتزام إسرائيل بالاتفاقية الموقعة برعاية وزيرة خارجية أميركا رايس، والتي نصت على بقاء المعبر مفتوحاً طوال أيام الأسبوع من الصباح وحتى المساء وأن لا تقوم إسرائيل بإغلاقه تحت أي ظرف من الظروف… حتى جاء حزيران الماضي وحصل ما حصل من انتهاك إسرائيلي لهذه الاتفاقية متذرعة بخطف شاليط، وممارسات بعض من وزراء \”حماس\” في تلك الآونة، (رغم أن حكومة \”حماس\” السابقة كانت ترفض تلك الاتفاقية).
ولأن معبر المنطار (كارني) هو بوابة الحركة التجارية ويمكن تجاوزاً أن نسميها \”البوابة الاقتصادية\” فالمعاناة هنا مضاعفة، حيث يؤثر المعبر على الحياة الاقتصادية للمواطن، فالشريان يجب أن لا يغلق، حتى لا نعيش \”نوبة اقتصادية\” كالتي يعيشها أهلنا منذ بعض الوقت، مرة بيد إسرائيل وأخرى بيدنا.
وإسرائيل التي تدرك مدى الحاجة الفلسطينية لتحسين مستوى حياتهم، خاصة وأنها نجحت مع أمريكا في إبقاء مفعول \”الحصار المالي\” على السلطة الوطنية رغم \”اتفاق مكة\” و \”حكومة وحدة\” وجولات الرئيس في أرجاء المعمورة ومعادلات سلام فياض المالية المعقدة، لذلك فإن إسرائيل تريد استعمال وثيقة \”نوايا النوايا\” لفرض ما تراه ملائما في ظل هذه الظروف، وخاصة على الصعيد الأمني، إذ تشترط قبل ذلك أو مقابله، أن يكون هناك التزام صريح وواضح، بوقف كل أشكال إطلاق القذائف أو \”الصواريخ\” (عابرة بيت حانون) من قطاع غزة، وأن تنتشر قوات الأمن الفلسطينية على طول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، وأيضا على الحدود الفلسطينية المصرية، واستمرار التهدئة وبالتأكيد ستربط إسرائيل بين حواجز الضفة والأمن.. ولأن وثيقة \”نوايا النوايا\” لن تخذل إسرائيل فهي ستشترط أمنا خاصا بالضفة الغربية لا نستطيع توفيره كطرف فلسطيني في ظل الاحتلال وأيضا في ظل \”الجدار العازل\” الذي عزلته وثيقة \”نوايا النوايا\” من حساباتها… تلك هي حالنا بعد ست سنوات من المواجهة مع الاحتلال بعد سبتمبر عام 2000 حالنا هو البحث عن تحسين حياتنا بعد أن خاض الرمز الخالد ياسر عرفات معركة البحث عن تحسين مستقبلنا السياسي حتى وأن حاول البعض تجاهل ذلك.
1 أيار 2007