كتب حسن عصفور/ بعد زيارة وفد محمود عباس الى واشنطن، خرجت أوساطه ترقص وتهلل لـ”الفتح العباسي” الذي أحدثه “أبو مازن” في العاصمة الأمريكية، ولم يبق لهم سوى أن يقيموا الأفراح والليالي الملاح، رغم ان الرئيس الأمريكي قال فيهم كلاما، كان في ظروف عادية كافيا لمطاردتهم بـ”أحذية” حيثما يحلون، بعد أن كشف ترامب حجم الخدمات الأمنية التي تقدمها أجهزة عباس للمخابرات الأمريكية، تجسسا على الشعوب العربية، وعمق التنسيق الأمني مع دولة الكيان الذي يمثل أهم “جدر الاحتلال الواقية” ضد كفاح الشعب الفلسطيني..
وحاولت “أوساط عباس” ووسائل اعلامه التي أحال وظيفتها من “اعلام شعب الى اعلام خادم لشخص وزمرة”، أن تضفي “نصرا مبينا” على تلك الزيارة، وزاد التهليل والتطبيل عندما أعلنت تلك الزمرة أن الرئيس الأمريكي قرر زيارة بيت لحم لـ”تعزيز مكانة الرئيس عباس”، وفتح “شراكة سياسية جديدة” معه، وحددت جدول زيارته الى بيت لحم، وفجأة حدث ما لم يكن ببال تلك “الزمرة” باعلان ترامب التفكير باعادة النظر في الزيارة، ما دفعها لعمل كل ما يلزم كي لا تلغى، ووافقت على شطب زيارة كنيسة المهد، بحجة “خيمة الأسرى”، وعدم وجود أي مظهر يشير الى قضية اضراب الكرامة والحرية، وعدم االاعتراض على زيارة ترامب الى حائط البراق، كأول رئيس أمريكي يفعل ذلك، من أجل تكريس الرواية الصهونية في “يهودية الحائط”..لتذهب المقدسات الى الجحيم مقابل الا يذهب “الرئيس الى الجحيم الوطني”!
وذهب ترامب الى بيت لحم، وما تسرب عن اللقاء كان “فضيحة وطنية كبرى”، لجهة الموقف من رواتب الأسرى والشهداء، ورغم أن “أعضاء الفرقة العباسية” التزموا الصمت كليا على ما تم نشره، حاول بعض “حواري عباس” نفي ذلك، حتى خرج وزير خارجية أمريكا تيلرسون، يوم 13 و14 يونيو وخلال شهادته أمام مجلس النواب والشيوخ ليكشف حقيقة “الوعد العباسي” للأمريكان..
الوزير الأمريكي، قالها صريحة، ان عباس التزم بوقف دفع رواتب من شارك في أعمال “عنف وقتل” ضد الاسرائيليين، وأنه يبحث عن “مخرج” لكيفية دفع أموال الى عوائل “أرامل وأيتام ومحتاجين”..هكذا أصبح حال عوائل الأسرى والشهداء “أرامل وأيتام ومحتاجين”، أي نقلهم من حالة فخر كفاحي الى حالة “تعاطف انساني” في “الزمن العباسي”..
وبتزامن مع “فضيحة تيلرسون”، خرج رئيس حكومة الكيان نتنياهو، ليعلن أن اسرائيل ليست طرفا في الأزمة الاقتصادية وأزمة الكهرباء في قطاع غزة، فهي مسألة “داخلية بين عباس وحماس”، هكذا يتجرأ نتنياهو لتبرأة “ذمته الفاسدة أخلاقيا وسياسيا” بسبب “هوس عباس” للانتقام من قطاع غزة عبر طلبه من دولة الكيان أن تقطع الهواء والنور عنه، فقدم خدمة بلا ثمن لتبرأة محتل وعدو فقط نزولا عند “شهوة الانتقام”، مقابل دفع الثمن من “رصيد القضية الوطنية”، فكان ثمن الرغبة الانتقامية الموافقة على اعتبار حائط البراق “مقدس يهودي” لهم حق “السيادة عليه”..
وبالطبع دخل كل أعضاء الزمرة العباسية جحورهم، ولزموا الصمت ولم يخرج منهم من يعلن أن ذلك كذب وتزوير سواء ما قاله تيلرسون أو نتنياهو..فهم لا يملكون جرأة وطنية لأن ما قيل هو الحقيقة..
عباس أصيب بوهم أن خدماته الأمنية والتجسسية على شعوب الأمة وبعض دولها للمخابرات الأمريكية، وكذا خدماته السياسية – الأمنية لسلطات الكيان والاحتلال، ستمثل له “حماية وحصانة”، وغاب عنه أنه لا يشكل لأمريكا والكيان سوى أداة تستخدم لمرحلة تؤدي وظيفتها الى حين انتهاء الصلاحية، كما غيره من “زمرة الخدم”، ويبدو أن “غروب شمس عباس قد أزف”، وتعريته سياسيا بدأت دون أن يجرؤ على قول “لا” كونه يعلم ما عليه وما عندهم عليه..
والأطرف، أن بعض من أركان زمرته بدأوا يعدون عدتهم لـ”الفكاك” من تك الرابطة العباسية، وأخذوا يكشفون بعضا من “محظور الكلام” حول التنازلات التي قدمها عباس للأمريكان والاسرائيليين، وما سيقدم لاحقا، مقابل ضمان مستقبله وأن لا يتحول كما حدث مع غيره من “حكام أمريكا” الذين تم التخلي عنهم في لحظة معينة، وبرخص عجيب..
هل بدأت امريكا وتل ابيب لمرحلة ما بعد عباس عبر تعريته سياسيا، كي يصبح شخصا منبوذا وطنيا وشعبيا..تصريحات تيلرسون وكذا نتنياهو بداية لترتيبات “نهاية عهد عباس”..ولذا بدأت حركة السباق داخل الزمرة العباسية فيمن سيفوز بالرضا الأمريكي الاسرائيلي عبر تصريحات خارج النص الوطني، تبدي استعدادا “غير مسبوق” لقبول ما لم يقبل..وقادم الأيام سنرى “عجبا سياسيا” من بعض تلك العناصر!
ملاحظة: بعد الاعلان عن “تفاهمات مصر وحماس ودحلان”، أحد أعضاء الزمرة العباسية دعا أهل قطاع غزة لـ”انتفاضة ضد حماس”..الغريب أن هذا الشخص تحديدا لم يدعو يوما لانتفاضة ضد الاحتلال..مش قلنا غباء الزمرة موهبة فطرية ونادرة!
تنويه خاص: سؤال هوائي شو سبب توافق تركيا وايران وحماسهما الى “نصرة قطر”..معقول كله “حس قومي وعروبي وأنساني وجهادي”..قبل اشهر كانت تركيا تقول في ايران ما لا يقال والعكس بالعكس، بل أن حكام ايران كانوا يرون في حكام قطر خدم المشروع التامري ضد سوريا..بالكم مين تغير عن مين!