كتب حسن عصفور/ كل شيء تم في العلن، تقريبا، بل وضمن “تفاهمات” متبادلة بين “مراكز القوى” في الإقليم والعالم، جرت حركة اللقاءات المصرية مع أطراف فلسطينية، كانت هي المسبب الرئيسي لإنطلاقة المشهد الجديد في حركة التصالح الوطني على طريقة صياغة قواعد حقيقية لإنهاء الإنقسام الكريه بكل ما للتعبير من معان متلازمة..
بدأت عجلة القطار المصري تتحرك، بإعلان أول المفاجآت تفاهمات “سرية” مصرية مع حماس لم تعلن حتى ساعته، لكنه ملامحها باتت في متناول “التقدير السياسي”، خاص بعد أن استضافت القاهرة، أول لقاء للمكتب السياسي المنتخب حديثا لحركة حماس بقيادة اسماعيل هنية، وما أعلنته غالبية القيادات الحمساوية لاحقا حول أمن مصر القومي، ولم تمر مسألة وجود تمثيلي لحماس في القاهرة عبر أحد قادتها المقربين جدا من يحيى السنوار “النجم الساطع” في الأسابيع الماضية..
وتزامنا معها، المفاجأة الثانية ومن القاهرة، “تفاهمات” حماس وتيار الاصلاح بقيادة النائب محمد دحلان، الذي سطع نجمه كما يحيى السنوار، ليمثلا قوة دفع لم تكن ضمن “الحسابات التقليدية”، ولذا حتى ساعته يمثل تيار الاصلاح “طرفا” حاضرا في صياغة المشهد بشكل مباشر وبشكل خفي، حتى لو لم تقبل حركة فتح “الأم” لتيار الاصلاح ذلك..
وكانت المفاجأة الثالثة المؤسسة على الأولى والثانية، هو “إعلان حماس” بالاستجابة العملية لشروط فتح – عباس الثلاثة دون أي إشتراطات مضادة، كما كان يحدث سابقا حيث كانت تقول هذه مقابل تلك، المفاجآت توالت من القاهرة، التي تعلم قيادتها “الفتية” والناهضة نحو استعادة مصر بكل ما لها وزنا وحضورا واثرا، وبالتالي قيمة وكلمة، أن فلسطين هي البوابة الأبرز لصياغة معادلة جديدة..
حضرت فتح ووفد رئيسها الى القاهرة وكانت كل السبل مغلقة للتهرب من قبول “إعلان حماس”، ولاحقا بدأت المسيرة، ومعها إنكشف بعض ما كان معلوما ولكن ليس معلنا، حول المواقف الدولية والإقليمية من المشهد الفلسطيني الجديد، إذ لا معترض “حقيقي” سوى دولة الكيان، وبعض المتضررين من “بقايا تحالف الشيطان” في قطر وتركيا وداخل فتح، وداخل حماس بشكل غير معلن، خوفا ورهبة للقيادة الجديدة..
دولة الكيان، أدركت أن قطار المصالحة هذه المرة يختلف كليا عما سبق منذ 2006، ويقينا تدرك أن ذلك بات مطلبا “دوليا – إقليميا” وليس فلسطينيا فحسب، كونه الباب الوحيد لصياغة المشهد السياسي الجديد للإقليم، ضمن معادلة جديدة وبأطراف جديدة – قديمة، تقترب من “مظهر مؤتمر مدريد” بشقيه الثنائي والمتعدد، مع الأخذ بالتغييرات الجوهرية التي حدثت، خاصة في الواقع الفلسطينية، حيث لا شريك في التمثيل، ولا تحديد له ايضا..
اسرائيل، سارعت بوضع 3 شروط رئيسية لكي توافق على حكومة المصالحة القادمة، وهي الاعتراف بدولة الكيان كدولة يهودية، وأن يتم مصادرة سلاح حماس كليا، وقطع العلاقة مع إيران..
والحقيقة لا يوجد بها شرط يمكن مناقشته من حيث المبدأ، فكلها شروط خارج النص، ولا قيمة لها مطلقا في أي عملية سياسية قادمة، حيث المطلوب من دولة الكيان تلبية الشروط الفلسطينية وليس العكس، وهذا ما على القيادة الفلسطينية الموحدة أن تدركه جيدا..
على اسرائيل ولكي يتم قبولها في المنطقة ضمن أي صفقة سياسية، ان تعترف بدولة فلسطين وفق قرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012..وهي من عليها أن ترحل مستوطنيها ومصادرة كل سلاحهم من الضفة والقدس، وأن تلغي كل القوانين التي تميز بين الفلسطيني وغيره، وأن تعيد صياغة قانونها الأساسي وفقا لروح السلام وليس روح الحرب والعداء..
وأن تعلن قبولها بحل مشكلة اللاجئين وفق قرار 194..
اسرائيل هي من عليها “شروط” وليس الطرف الفلسطيني، والغرابة أن تضع دولة الكيان قطع العلاقة بايران شرطا، وأمريكا “الراعي الأم” للكيان” تقيم علاقات ولها اتفاق نووي معها..كما أن تركيا حليفة الكيان تعزز علاقاتها مع إيران بشكل متلاحق..
شرط ساذج يكشف أن ما قاله ترامب عن نتنياهو لم يكن “زلة لسان”، بأنه العقبة الأساسية أمام تسوية الصراع، رغم مروره سريعا على محمود عباس، بالتأكيد ليس متهما بأنه متشدد بل لعدم قدرته على القيادة للكل الفلسطيني، وتشرنق داخل منطقة فصائلية محددة، فبات عاجزا!..
شروط الكيان، رغم أن البعض العربي وأطراف فلسطينية تتمنى أن لا تنكسر، لكنها لن تصمد كثيرا، وعلى الرئيس عباس وفتح، قبل حماس وغيرها إعلان رفضهم تلك “الشروط”، وأن يبادروا بتبني شروط مضادة..ونصيحة للرئيس عباس، رغم انه فقد القدرة على الإستماع للداخل، بأن يكف عن الرسائل غير الايجابية التي كررها بـ”فرح” مع الاعلام المصري..
والى حين لقاءات القاهرة القادمة ليت الجميع يكف عن تنفيس غضبه مما حدث بصمت وليس علانية..فلسطين تستحق أن تكونوا أهلا لقيادتها رغم أنكم لم تحسنوا ذلك!
ملاحظة: شخصيا مع ترشيح محمود عباس لمنصب الرئيس ليعلم جيدا أن “ذاكرة الشعب الفلسطيني لا تزال حية”..الى الأمام يا عباس!
تنويه خاص: أول زيارة لملك سعودي الى موسكو يعود الفضل بها للملك الشاب القادم محمد بن سلمان..ولكن اليس غريبا جدا هذا التأخير “غير المفهوم”..حتى بعد فكفكفة الاتحاد السوفيتي “البعبع”!