كتب حسن عصفور/ قبل أيام نسب الى الرئيس محمود عباس بأن هناك قوى “إرهابية” تنتظر اللحظة التي يتوقف بها “التنسيق الأمني” بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وأمن الاحتلال، إن لم يتم تحويل أموال الضرائب التي تحتجزها حكومة نتنياهو، عقابا على قرار الرئيس عباس بالتوقيع على معاهدة روما، والذهاب الى المحكمة الجنائية..وبالطبع لم يصدر أي نفي أو توضيح أو تصويب لما جاء على لسان الرئيس رغم خطورة الكلام، لكنها ليست القضية الآن..
وبعد “التهديد العباسي” بقليل خرجت قيادات من جيش الاحتلال لترسل “تحذيرا ساخنا” الى نتنياهو بأن حجز الأموال الفلسطينية لا يخدم “المصلحة الأمنية الاسرائيلية”، ويحذر من خطورة “عواقب تلك الخطوة”، فيما دخلت بعض قيادات فتحاوية، ايضا سباق حرب التهديدات، ومنها ما حدد اجتماع المجلس المركزي المفترض إنعقاده بداية الشهر المقبل، مارس، سيكون المكان الحاسم لانهاء ذلك “التنسيق الأمني”، بل وقد تغلق أبواب كل العلاقة مع دولة الكيان..
بالطبع حكومة نتنياهو تعلم قيمة تلك التهديدات، وحقيقتها ومفعولها، وهي على يقين، أن من يكثر التهديد لا يعمل، ومن يكرر القول مرات ومرات دون أي خطوة جادة لتنفيذ ما يهدد به ليل نهار، ليس سوى غبار لا أثر له مع أو عامل تنظيف..ولذا لم تهتز مما سمعت وجاء اليها، حتى تلك التحذيرات التي أصدرتها قيادات عسكرية من جيش الاحتلال، وكأن حكومة الطغمة الحاكمة تعلم يقينا أن “وقف التنسيق الأمني”، وتغيير الواقع القائم بين “السلطة وقيادتها ودولة الكيان”، لن ير النور في ظل الوضع السياسي القائم في “بقايا الوطن”..
لكن لنترك تقديرات نتنياهو، وأيضا نتجاهل “تهديدات قيات فتح”، ولنقف أمام الخبر الأكثر إثارة في عالم السياسية الذي جاء من واشنطن، وعلى لسان الناطقة باسم وزارة خارجية أمريكا، التي أعربت عن “قلقها” نتيجة عدم تحويل الأموال، وما يمكن أن ينتج عنه من عدم قدرة السلطة على الاستمرار”..
وافتراضا بأن “القلق الأميركي” جاد وجدي جدا، هل يمكننا التخيل أن الدولة المفترض أنها “راعية المفاوضات” و”صاحبة اليد الطولى في عملية السلام” التي يبحثون عنها، مصابة بقلق على حجز “أموال” هي حق فلسطيني خالص النقاء، ولعل الرئيس الأميركي أوباما لم يذق طعم النوم من أسابيع وهو يبحث في كيفية إعادة ضخ تلك الأموال، تحسبا من أنهيار السلطة، وبالتالي التنسيق الأمني، وما قد يفتحه باب الانهيار من “إنتشار الفوضى والارهاب” ترجمة لأقوال الرئيس عباس في جولته الأوروبية..
اي عاقل يمكنه أن يتعامل مع تصريحات الخارجية الأميركية بنوع من الجدية السياسية، ولو قفزنا عن المعرفة التاريخية بما هي أمريكا، وافترضنا كل أشكال “حسن النوايا السياسية”، مع أن ذلك “حلم إبليس في الجنة”، فهل الدولة صاحبة النفوذ المطلق على رعاية المفاوضات، والراعي الأهم لدولة الكيان، والتي لو غضبت حقا وبـ”جد” على دولة الكيان ستهتز كل “فرائصها”، هي ذاتها الدولة غير القادرة على اعادة تحويل مسار الأموال من خزينة نتنياهو الى خزينة عباس..
فإن لم تكن لأمريكا تلك القدرة على اعادة تحويل المال الفلسطيني، فلما إذا تبدو بصورة صاحب الملف ومديرته ومسيرته، فمن لا يستطيع اعادة أموال هي حق فلسطيني هل له أن يعيد “شبرا” من أرض سرقتها دولة الكيان..مجرد سؤال افتراضي ملتحف بـ”حسن النوايا” المبلطة بها نار جهنم!
الا أن القيمة السياسية الحقيقية والهامة جدا لبيان الخارجية الأميركية، والذي لم يخدش حياء حكومة نتنياهو بأي كلمة من أنواع “الاستنكار” وعدم القبول، ولا سمح الله الادانة، أنه أسقط ورقة التوت عن تلك الدولة التي تحاول بعض الأوساط الفلسطينية أن تتغطي بها، مع أنها ذات الأوساط التي تهدد ليل نهار بوقف “التنسيق” او “تسليم المفاتيح” – وكأننا في بازار من نوع جديد -..افتضح موقف أمريكا بعد بيان “القلق” و”قلة النوم”، المصابة به أمريكا رئيسا وإدارة، فهل بعد البيان يمكن ان يخرج أي من تلك “الأوساط” ليطالب واشنطن بما لن تقدم عليه يوما، ما دام “الخنوع” هو سيد المشهد..
الصحوة السياسية، وترك الأوهام والعودة الى الحضن الوطني، هو طريق الفعل الذي يؤتي ثمره، واغلاق الباب أمام كل أشكال السمسرة السياسية”، وآخرها اتفاقية العار – الغاز، وهل هناك أميركي -اسرائيلي يمكنه أن يصدق أي تهديد بعد توقيع هذه الاتفاقية العار من ذات “الزمرة” وبطانتها التي فقدت كل “أشكال حمرة الخجل الوطني”..
الموقف الأميركي هو رسالة الى قوى الشعب علها تصحو من “بعض غفوتها”، وتبدأ في حمل معول المواجهة التي باتت أقرب من رمش العين كفرض وواجب لحماية المشروع الوطني من الانهيار!
ملاحظة: كل قوى الشعب ترفض اتفاقية الغاز – العار، الا طرفي الكارثة الانقسامية..أهي مصادفة أم “مشاركة” في “محاصصة” غير معلنة!
تنويه خاص: وسائل اعلام حركة حماس الرسمية وشبه الرسمية هي أكثر أدوات التحريض على حماس في موقفها من مصر..من يقرأها سيجدها الوجه الآخر لاعلام قطر والجماعة الارهابية – الاخوان سابقا-!